الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال ابن عباس: {عَرَّفَهَا لَهُمْ} أي طيّبها لهم بأنواع الملاذ؛ مأخوذ من العَرْف. وهو الرائحة الطيبة.وطعام مُعَرَّف أي مطيّب؛ تقول العرب: عرّفت القدر إذا طيبتها بالملح والأبزار.وقال الشاعر يخاطب رجلًا ويمدحه:
يقوله: كما عَرُف الإتْب. وهو البَقِير والبَقِيرة. وهو قميص لا كُمَّين له تلبسه النساء.وقيل: هو من وضع الطعام بعضه على بعض من كثرته؛ يقال حرير معرّف؛ أي بعضه على بعض. وهو من العُرْف المتتابع كعُرْف الفرس.وقيل: {عَرَّفَهَا لَهُمْ} أي وفّقهم للطاعة حتى استوجبوا الجنة.وقيل: عرّف أهل السماء أنها لهم إظهارًا لكرامتهم فيها.وقيل: عرّف المطيعين أنها لهم. اهـ. .قال الثعالبي: وقوله سبحانه: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب} الآية:قال أَكْثَرُ العلماءِ: إنَّ هذه الآية وايةَ السَّيْفِ. وهي قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] مُحْكَمَتَانِ. فقوله هنا: {فَضَرْبَ الرقاب} بمثابة قوله هنالك: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ}. وصرَّح هنا بذكر المَنِّ والفداء. ولم يُصَرِّحْ به هنالك. فهذه مُبَيِّنَةٌ لِتِلْكَ. وهذا هو القول القويُّ. وقوله: {فَضَرْبَ الرقاب} مصدر بمعنى الفِعْل. أي: فاضربوا رقابهم وعَيَّنَ مِنْ أنواع القَتْلِ أَشْهَرَهُ. والمراد: اقتلوهم بأَيِّ وجه أَمكَنَ؛ وفي صحيح مسلمٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلهُ في النَّارِ أَبَدًا» وفي (صحيح البخاري) عنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَتَمَسَّهُ النَّارُ» انتهى.والإثخان في القوم أنْ يكثر فيهم القتلى والجرحى. ومعنى: {فَشُدُّواْ الوثاق} أي: بمن لم يُقْتَلْ. ولم يترتَّب فيه إلاَّ الأسْرُ. ومَنًّا وفِدَاءً: مصدران منصوبانِ بفعلَيْن مُضْمَرَيْنِ.وقوله: {حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا} معناه: حتى تذهبَ الحربُ وتزو ل أثقالهَا. والأوزار: الأثقال؛ ومنه قول عمرو بن مَعْدِ يكرِبَ: من المتقارب:واختلف المتأولون في الغاية التي عندها تضع الحربُ أوزارها. فقال قتادة: حتى يُسَلِّمَ الجميعُ. وقال حُذَّاقُ أهل النظر: حتى تغلبوهم وتَقْتُلُوهُمْ. وقال مجاهد: حتى ينزلَ عيسى ابْنُ مَرْيَمَ.قال ع: وظاهر اللفظ أَنَّهُ استعارةٌ يُرَادُ بها التزامُ الأمْرِ أبدًا؛ وذلك أَنَّ الحربَ بين المؤمنين والكافرين لا تضع أوزارها. فجاء هذا كما تقول: أنا أفعل كذا وكذا إلى يَوْمِ القيامةِ. وإنَّما تريد أَنَّك تفعله دائمًا.{ولويَشَاءُ اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ} أي: بعذابٍ مِنْ عنده. ولكن أراد سبحانه اختبار المؤمنين. وأنْ يبلو بعضَ الناس ببعضٍ. وقرأ الجمهور: {قَاتَلُواْ} وقرأ عاصم بخلاف عنه: {قاتلوا} بفتح القاف والتاء. وقرأ أبو عمرو وحَفْصٌ: {قاتلوا} بضم القاف وكسر التاء. قال قتادة: نزلَتْ هذه الآية فيمَنْ قُتِلَ يوم أُحُدٍ من المؤمنين.وقوله سبحانه: {سَيَهْدِيهِمْ} أي: إلى طريقِ الجَنَّةِ.ت: ذكر الشيخ أبونُعَيْمٍ الحافظُ أنَّ مَيْسَرَةَ الخادمَ قال: غزونا في بعض الغَزَوَاتِ. فإذا فتًى إلى جانِبي. وإذا هو مُقَنَّعٌ بالحديد. فَحَمَلَ على المَيْمَنَةِ. فَثَنَاها. ثُمَّ على المَيْسَرَةِ حتى ثَنَاهَا. وحَمَلَ عَلَى القَلْبِ حتى ثناه. ثم أنشأ يقول: الرجز: قال: فحمل. فقاتل. فَقَتَلَ منهم عددًا. ثم رَجَعَ إلى مَصَافِّهِ. فتكالَبَ عليه العَدُوُّ. فإذا هو رضي اللَّه تعالى عنه قد حمل على الناس. وأنشأ يقول: الرجز: ثم حَمَلَ رضي اللَّه عنه فقاتل. فَقَتَلَ منهم عَدَدًا. ثم رجع إلى مَصَافِّه. فتكالَبَ عليه العَدُوفحَمَلَ رضي اللَّه عنه في المرة الثالثة. وأنشأ يقول: الرجز: فقاتل رضي اللَّه عنه حتى قُتِلَ.. انتهى من ابن عَبَّاد شارح (الحِكَم).وقوله تعالى: {عَرَّفَهَا لَهُمْ} قال أبو سعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. وقتادة. ومجاهد: معناه: بَيَّنَهَا لهم. أي: جعلهم يعرفون منازلهم منها. وفي نحوهذا المعنى قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لأَحَدُكُمْ بِمَنْزِلِهِ في الجَنَّة أَعْرَفُ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ في الدّنْيَا» قال القرطبيُّ في (التذكرة): وعلى هذا القول أكثرُ المفسِّرين قال: وقيل: إنَّ هذا التعريفَ إلى المنازِلِ هو بالدليلِ. وهو المَلَكُ المُوَكَّلُ بِعَمَلِ العَبْدِ. يمشي بين يَدَيْهِ.. انتهى. وقالت فرقة: معناه: سَمَّاها لهم. ورَسَمَهَا كُلُّ منزل باسم صاحبه. فهذا نحومن التعريف. وقالت فرقة: معناه شَرَّفَهَا لهم ورفعها وعلاَّها. وهذا من الأَعْرَافِ التي هي الجبال. ومنه أعرافُ الخَيْلِ. وقال مُؤَرِّجٌ وغيره: معناه: طَيَّبَهَا؛ مأخوذٌ من العَرْفِ. ومنه طَعَامٌ مُعَرَّفٌ. أي: مُطَيَّبٌ. وعَرَّفْتُ القِدْرَ: طَيَّبْتُها بالمِلْحِ والتَّابِلِ. قال أبو حيَّان: {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} البال: الفِكْرُ ولا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ. انتهى. اهـ. .قال الألوسي: والفاء في قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ}.لترتيب ما في حيزها من الأمر على ما قبلها فإن ضلال أعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح أحوال المؤمنين وفلاحهم مما يوجب أن يترتب على كل من الجانبين ما يليق به من الأحكام أي إذا كان الأمر كذلك فإذا لقيتموهم في المحارب {فَضَرْبَ الرقاب} وقال الزمخشري: {لَقِيتُمُ} من اللقاء وهو الحرب و{ضُرِبَ} نصب على المصدرية لفعل محذوف والأصل أضربوا الرقاب ضربًا فحذف الفعل وقدم المصدر وأنيب منابه مضافًا إلى المفعول. وحذف الفعل الناصب في مثل ذلك مما أضيف إلى معمو له واجب. وهو أحد مواضع يجب فيها الحذف ذكرت في مطولات كتب النحو. وليس منها نحو ضربًا زيدًا على ما نص عليه ابن عصفور.وذكر غير واحد أن فيما ذكر اختصارًا وتأكيدًا ولا كلام في الاختصار. وأما التأكيد فظاهر القول به أن المصدر بعد حذف عامله مؤكد. وقال الحمصي في حواشي التصريح: إن المصدر في ذلك مؤكد في الأصل وأما الأن فلا لأنه صار بمنزلة الفعل الذي سد هو مسده فلا يكون مؤكدًا بل كل مصدر ثار بدلًا من اللفظ بالفعل لا يكون مؤكدًا ولا مبينًا لنوع ولا عدد. و{ضُرِبَ الرقاب} مجاز مرسل عن القتل. وعبر به عنه إشعارًا بأنه ينبغي أن يكون بضرب الرقبة حيث أمكن وتصويرًا له بأشنع صورة لأن ضرب الرقبة فيه إطارة الرأس الذي هو أشرف أعضاء البدن ومجمع حواسه وبقاء البدن ملقى على هيئة منكرة والعياذ بالله تعالى. وذكر أن في التعبير المذكور تشجيع المؤمنين وأنهم منهم بحيث يتمكنون من القتل بضرب أعناقهم في الحرب {حتى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} أي أوقعتم القتل بهم بشدة وكثرة على أن ذلك مستعار من ثخن المائعات لمنعه عن الحركة. والمراد حتى إذ أكثرتم قتلهم وتمكنتم من أخذ من لم يقتل {فَشُدُّواْ الوثاق} أي فأسروهم واحفظوهم. فالشد وكذا ما بعد في حق من أسر منهم بعد اثخانهم لا للمثخن إذ هو بالمعنى السابق لا يشد ولا يمن عليه ولا يفدي لأنه قد قتل أو المعنى حتى إذا أثقلتموهم بالجراح ونحوه بحيث لا يستطيعون النهوض فأسروهم واحفظوهم؛ فالشد وكذا ما بعد في حق المثخن لأنه بهذا المعنى هو الذي لم يصل إلى حد القتل لكن ثقل عن الحركة فصار كالشيء الثخين الذي لم يسل ولم يستمر في ذهابه. والاثخان عليه مجاز أيضًا. و{الوثاق} في الأصل مصدر كالخلاص وأريد به هنا ما يوثق به.وقرىء {الوثاق} بالكسر وهو اسم لذلك. ومجيء فعال اسم الة كالحزام والركاب نادر على خلاف القياس. وظاهر كلام البعض أن كلا من المفتوح والمكسور اسم لما يوثق به. ولعل المراد بيان المراد هنا.{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} أي فاما تمنون منا وإما تفدون فداء. والكلام تفصيل لعاقبة مضمون ما قبله من شد الوثاق. وحذف الفعل الناصب للمصدر في مثل ذلك واجب أيضًا. ومنه قوله:وجوز أبو البقاء كون كل من {مِنَّا} و{فداء} مفعولا به لمحذوف أي أولوهم منا أوأقبلوا منهم فداء. وليس كما قال أبو حيان اعراب نحوي. وقرأ ابن كثير في رواية شبل {وَأَمَّا فدى} بالفتح والقصر كعصا.وزعم أبو حاتم أنه لا يجوز قصره لأنه مصدر فاديته. قال الشهاب: ولا عبرة به فإن فيه أربع لغات الفتح والكسر مع المد والقصر ولغة خامسة البناء مع الكسر كما حكاه الثقات انتهى. وفي الكشف نقلًا عن الصحاح الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر وإذا فتح فهو مقصور.ومن العرب من يكسر الهمزة أي يبنيه على الكسر إذا جأو ر لام الجر خاصة لأنه اسم فعل بمعنى الدعاء. وأنشد الأصمعي بين النابغة: وهذا الكسر مع التنوين كما صرح به في البحر. وظاهر الآية على ما ذكره السيوطي في أحكام القرآن العظيم امتناع القتل بعد الأسر وبه قال الحسن.وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أنه قال: أتى الحجاج بأسارى فدفع إلى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رجلًا يقتله فقال ابن عمر: ليس بهذا أمرنا إنما قال الله تعالى: {حتى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} وفي حكم الأساري خلاف فذهب الأكثرون إلى أن الإمام بالخيار إن شاء قتلهم إن لم يسلموا لأنه صلى الله عليه وسلم قتل صبرا عقبة بن أبي معيط. وطعيمة بن عدى. والنضر بن الحرث التي قالت فيه أخته أبياتًا منها تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: وون في قتلهم حسم مادة فسادهم بالكلية. وليس ولحاد من الغزاة أن يقتل أسيرًا بنفسه فإن فعل بلا ملجىء كخوف شر الأسير كان للإمام أن يعزره إذا وقع على خلاف مقصوده ولكن لا يضمن شيئًا. وإن شاء استرقهم لأن فيه دفع شرهم مع وفور المصلحة لأهل الإسلام. وإن شاء تركهم ذمة أحرارًا للمسلمين كما فعل عمر رضي الله تعالى عنه ذلك في أهل السواد الا أسارى مشركي العرب والمرتدين فإنهم لا تقبل منهم جزية ولا يجوز استراقاتهم بل الحكم فيهم إما الإسلام أو السيف. وإن أسلم الأساري بعد الأسر لا يقتلهم لأندفاع شرهم بالإسلام. ولكن يجوز استراقاتهم فإن الإسلام لا ينافي الرق جزاء على الكفر الأصلي وقد وجد بعد انعقاد سبب الملك وهو الاستيلاء على الحربي غير المشرك من العرب. بخلاف ما لوأسلموا من قبل الأخذ فإنهم يكونون أحرارًا لأنه اسلام قبل انعقاد سبب الملك فيهم. ولا يفادي بالاساري في احدى الروايتين عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لما في ذلك من معونة الكفر لأنه يعود الأسير الكافر حربًا علينا. ودفع شر حرابته خيرم ن استنقاذا لمسلم لأنه إذا بقي في أيديهم كان ابتلاء في حقه فقط. والضرر بدفع أسيرهم إليهم يعود على جماعة المسلمين.والرواية الأخرى عنه أنه يفادي وهو قول محمد. وأبي يوسف والإمام الشافعي ومالك وأحمد إلا بالنساء فإنه لا يجوز المفاداة بهن عندهم. ومنع أحمد المفاداة بصبيانهم. وهذه رواية السير الكبير. قيل: وهو أظهر الروايتين عن الإمام أبي حنيفة. وقال أبويوسف: تجوز المفاداة بالأسارى قبل القسمة لا بعدها. وعند محمد تجوز بكل حال.ووجه ما ذكره الأئمة من جواز المفاداة أن تخليص المسلم أولى من قتل الكافر للأنتفاع به ولأن حرمته عظيمة وما ذكر من الضرر الذي يعود إلينا بدفعه إليهم يدفعه ظاهرًا المسلم الذي يتخلص منهم لأنه ضرر شخص واحد فيقوم بدفعه واحد مثله ظاهرًا فيتكافئان وتبقى فضيلة تخليص المسلم وتمكينه من عبادة الله تعالى فإن فيها زيادة ترجيح.ثم أنه قد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرج مسلم وأبوداود والترمذي وعبد بن حميد وابن جرير عن عمران بن حصين «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين» ويحتج لمحمد بما أخرجه مسلم أيضًا عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة قال: «خرجنا مع أبي بكر رضي الله تعالى عنه أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة يعني التي نقله أبو بكر إياها فقلت: يا رسول الله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا. ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك. فقلت: هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبًا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففدى بها ناسًا من المسلمين أسروا بمكة». ولا يفادي بالأسير إذا أسلم وهو بأيدينا لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه وهو مأمون على إسلامه فيجوز لأنه يفيد تخليص مسلم من غير إضرار بمسلم آخر. وأما المفاداة بمال فلا تجوز في المشهور من مذهب الحنفية لما بين في المفاداة بالمسلمين من ردهم حربًا علينا.وفي (السير الكبير) أنه لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة. قيل: استدلالًا بأساري بدر فإنه لا شك في احتياج المسلمين بل في شدة حاجتهم إذ ذاك فليكن محمل المفاداة الكائنة في بدر بالمال. وأما المن على الأساري وهو أن يطلقهم إلى دار الحرب من غير شيء فلا يجوز عند أبي حنيفة ومالك وأحمد. وأجازه الإمام الشافعي لأنه صلى الله عليه وسلم من على جماعة من أسرى بدر منهم أبو العاص بن أبي الربيع على ما ذكره ابن إسحاق بسنده وأبوداود من طريقه إلى عائشة لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنائه عليها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رق لها رقة شديدة وقال لأصحابه: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرنا وتردوا لها الذي لها» ففعلوا ذلك مغتبطين به. ورواه الحاكم وصححه وزاد وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي زينب إليه ففعل ومن صلى الله عليه وسلم على ثمامة بن أثال بن النعمان الحنفي سيد أهل اليمامة ثم أسلم وحسن إسلامه. وحديثه في (صحيح مسلم) عن أبي هريرة. ويكفي ما ثبت في (صحيح البخاري) من قوله عليه الصلاة والسلام: «لوكان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتني يعني أساري بدر لتركتهم له» فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر وهو الصادق المصدوق بأنه يطلقهم لوسأله المطعم. والإطلاق على ذلك التقدير لا يثبت إلا وهو جائز شرعًا لمكان العصمة. وكونه لم يقع لعدم وقوع ما علق عليه لا ينفي جوازه شرعًا.
|